-
يعقوب وعيسو
-
الشر والخير
يتصارعان
-
يعقوب في أرض
الغربة
-
-
في أرض الغربة
-
+ لو بقي يعقوب أب الآباء
مدللاً في خيمة رفقه، ما أبصرالسموات مفتوحة والسلم النوراني.
-
+ ولولا توعد عيسو بقتله ، ما
ذهب إلى خاله لابان .
-
+ ولولا ذهابه ما تزوج براحيل
التي لولاها ما كتب له حياة، إذ أحيا يوسف نفسه حينما أرسل له قمحاً من
مصر.
-
+ ولولا خداع خاله لابان ما
تزوج من ليئة ولولاها لحرم من يهوذا ولاوي الذي من صلب يهوذا أتى المسيا،
ومن صلب لاوي كان الكهنوت المقدس!!
-
+ لولا تغير قلب لابان من جهة
يعقوب ما عاد إلى أرض أبيه ، ولما كان ليوسف مكان في أرض مصر. إنها أحداث
تتلاقى معاً بعد أن يتصارع فيها الشر مع الخير ويبدو الشر فيها منتصراً
ولكن إلى حين حيث يتربع الخير على القمة كأسد يتربص لفريسة من على جبل أكثر
علواً.
-
-
وتزاحم الوالدان في بطنها :
-
+ هناك في سن الأربعين تزوج
إسحق ابن الموعد من رفقه بنت بتوئيل الأرامي ... ومرت الشهور بل السنين ولم
يعط إسحق نسلاً، لقد كانت رفقه عاقراً ما يقرب من عشرين سنة، وكان إسحق رجل
صلاة وإيمان وثقة في وعد إلهه وبركة أبيه إبراهيم ، لم يتسرب اليأس إلى
قلبه بل كانت عناية الرب ترافقه.
-
+ استجاب الرب لصلاة إسحق،
فحبلت رفقة إمراته (تك 25 :21)، وأحست رفقة بآلام الحمل لقد كان في بطنها
تصارعاً عجيباً بل عنيفاً إنهما توأمان، ورفعت قلبها سائلة الرب عن هذا
الأمر فقال لها الرب:
-
+ في بطنك أمتان ومن أحشائك
يفترق شعبان ، شعب يقوى على شعب، وكبير يستعبد لصغير، فلما كملت أيامها
لتلد إذا في بطنها توأمان (تك 25: 23 ، 24) إنهما عيسو ويعقوب.
-
+ تزاحم الولدان في بطنها (تك 25: 2) بل تصارعا بل
تعاركا
الجنينان في بطنها ، ويرى بعض الآباء في هذا الصراع صوة للصراع المستمر
بين الشر والخير حتى في داخل أحشاء الكنيسة!! إذ تود النفوس الصالحة أن
تغلب الشر لكن الأشرار يشتاقون إلى تحطيم الأبرار ... ففي عيسو تفهم النفوس
الجسدانية أما النفوس الروحية فتفهم في يعقوب!!
-
-
يعقوب وعيسو:
-
+ كبر الغلامان فأحب إسحق
عيسو إبنه لأنه كان إنسان صيد، وكان إسحق يأكل من صيده. أما رفقة فكانت تحب
يعقوب (تك 25: 27 ، 28) وطبخ يعقوب طبيخاً فأتى عيسو من الحقل وهو قد أعيا،
فقال عيسو ليعقوب اطعمني من هذا الأحمر... فقال له يعقوب: بعني اليوم
بكوريتك (تك 25) وكان في ذلك الزمان للبكورية امتيازات كثيرة:
-
+ ينوب عن أبيه في غيابه .
-
+ يأخذ مركز القيادة في الأسرة
أو القبيلة بعد موت أبيه.
-
+ يقوم بخدمة الكهنوت في غياب
أبيه أو مرضه أو بعد وفاته.
-
+ وكان يعتبر الإبن المكرس لله
(مر 22 :29).
-
+ وكان يأخذ نصيب إثنين (تث
21/17).
-
-
+ وقال له يعقوب بعني اليوم
بكوريتك فقال عيسو محتقراً إياها "ها أنا آت إلى الموت فلماذا لي بكورية".
"فباع بكوريته ليعقوب واحتقر عيسو البكورية" (تك 25: 34). فاعتبر يعقوب
نفسه البكر .. "وخدع أباه" آخذاً بركة البكورية.. كن سيداً لإخوتك وليسجد
لك بنو أمك، ليكن لاعنوك ملعونين ومباركون مباركين (تك 27: 29). فحقد عيسو
على يعقوب من أجل البركة التي باركه بها أبوه وقال عيسو في قلبه قربت مناحة
أبي. فأقتل يعقوب أخي (تك 27 :41).
-
+ لقد بدأ الشر يلوح في الأفق
والمخاطر تلتف بيعقوب... إنه شر عظيم فقد وضع عيسو في قلبه أن يقتل أخاه...
وملاْ القلق قلب الأم فدعت رفقه إبنها يعقوب قائلة:
-
+ فالآن يا إبني اسمع لقولي قم
وأهرب إلى أخي لابان إلى حاران وأقم عنده أياماً قليلة حتى يرتد غضب أخيك
عنك وينسى ما صنعت به ، ثم أرسل فآخذك من هناك (تك 27: 42 – 45) ودعا إسحق
يعقوب وباركه قائلاً: قم أذهب إلى لابان أخي أمك وخذ لنفسك زوجه... إنه
يريد ابعاده حتى لا يقتل من عيسو.
-
-
ما أشد الموقف رهبة ، وما
أكثرالسحب الداكنة المحيطة به، لقد كان مدللاً في خيمة أمه رفقة ينعم بدفء
وحب الأبوين، وفجأة يجد نفسه هارباً مطارداً...
-
-
وغابت عنه الشمس:
-
+ خرج يعقوب من بئر سبع وذهب
إلى حاران (تك 28: 10) ، كان في بيت أبيه آمناً، لكنه خرج دون أن يعلم عن
أمره شيئاً... خرج من بئر سبع والشكوك تراوده، والأوهام تقلقه، والشر
يحاصره... خرج وحيداً لا يحمل معه إلا بركة أبويه وطاعته لهما...
-
-
+ وهناك بين الرمال وفي أعماق
الصحراء كان وحيداً حتى خيم عليه الظلام... ظلام عدم النجاه، ظلام الخوف،
ظلام المكان، لقد غابت عنه شمس الرجاء، إذ أشباح الموت تطارده، وتعقب عيسو
لقتله يراوده، والضيق والحزن يحاصره ، ظلام دامس مخيف ومستقبل مبهم
يحاصره... إنها مشاعر قلق وخوف.
-
-
+وبين هذه الأفكار والمشاعر
صادف مكاناً فأخذ من حجارته وسادة لرأسه وإضطجع في ذلك المكان لأن الشمس
كانت قد غابت (تك 28 : 11) نام دون أن يعلم أن الرب في هذا المكان (تك 28:
16) يضع يديه تحت رأسه وسادة له بل يحيط به حافظاً إياه من وحوش وزحافات
الصحراء... لم يكن يعلم ذلك أولاً إنما علم أخيراً "لست تعلم أنت الآن ما
أنا أصنع ولكنك ستفهم فيما بعد" (مو 13 :7).
-
+ في ظلمة الخوف لم ترى عيناه
الله رغم أنه قريب منه " لأن الرب قريب" ، ظن أنه بمفرده في صحراء قاحلة
ولم يعلم أن الرب يرافقه... أجل وما أن غاصت عيناه في النوم حتى رأى ما لم
يتوقع أن يراه... "رأى حلماً وإذ سلم منصوبه على الأرض ورأسها يمس السماء،
وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها ، وهوذا الرب واقف عليها فقال: أنا
الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحق، الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك
ولنسلك، وها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض، لأني لا أتركك
حتى أفعل ما كلمتك به (تك 28 :12 – 15).
-
+ لقد رأى مشتهى الأجيال، رأى
رمز العذراء التي حملت الله الكلمة في أحشائها ، وسمعت أذناه وعمد الرب
بالحفظ الإلهي له حيثما ذهب ، وأينما ذهب، فاستيقظ من نومه وقال: حقاً إن
الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم ... ما أرهب هذا المكان ، ما هذا إلا بيت
الله وهذا باب السماء.
-
-
+ إنه يحول الشر خيراً ...
يسندك في غربتك ، يعزيك في ضيقتك ، يحرسك في وحدتك ، يقدس مسكنك ... يجعل
الحجر الذي تحت رأسك عموداً في بيت إيل..
-
-
+ فلولا هروب يعقوب وتهديد
عيسو ما ترك يعقوب خيمته!
-
+ ولو بقي مدللاً في خيمة أمه،
ما أبصر السموات مفتوحة، وما أسند رأسه على حجر الزاوية في وسط الضيق
والحرمان...
-
+ فما أجمل أن نردد مع موسى
قائلين:
-
اكشف لي مجدك لكي أراك لأعرفك
(خر 23 :13 الترجمة السبعينية)
-
-
إلى أرض المشرق:
-
+ تابع يعقوب مسيرته وقد نذر
نذراً قائلاً:
-
+ إن كان الله معي وحفظني في
هذا الطريق الذي أنا سائر فيه وأعطاني خبزاً لأكل وثياباً لألبس ورجعت
بسلام إلى بيت أبي، يكون الرب لي إلهاً وهذا الحجر الذي أقمته عموداً يكون
بيت الله وكل ما تعطيني فاني أعشّره لك (تك 28: 20 – 22).
-
+ ونهض يعقوب مستأنفاً المسيرة
وهناك عند البئر المجاور لحاران كان يعقوب سائلاً:
-
+ يا اخوتي من أين أنتم ؟
فقالوا نحن من حاران فقال لهم هل تعرفون لابان بن ناحور فقالوا هوذا راحيل
ابنة آتية مع الغنم (تك 29 :4 ، 6) "فلما أبصر يعقوب راحيل بنت لابان
خاله، وغنم لابان خاله أن يعقوب تقدم ودحرج الحجر عن فم البئر، وسقى غنم
لابان خاله وقبّل يعقوب راحيل ورفع صوته وبكى، وأخبر يعقوب راحيل أنه أخو
أبيها وأنه ابن رفقة. فركضت وأخبرت أباها، فكان حين سمع لابان خبر يعقوب
ابن أخته أنه ركض للقائه وعانقه وقبله وأتى به إلى بيته...وقال له لابان
إنما أنت عظمي ولحمي" (تك 29: 10 – 14).
-
-
يعقوب ولابان :
-
+ كان للابان ابنتان اسم
الكبرى ليئة والصغرى راحيل وكانت عينا ليئة ضعيفتين، وأما راحيل فكانت حسنة
الصورة وحسنة المنظر، وأحب يعقوب راحيل (تك 29: 16 – 18)، وطلب يعقوب من
خاله لابان أن يعطيه راحيل زوجة له مقابل أن يخدمه سبع سنين.
-
+ لقد نظر يعقوب إلى الشكل
الخارجي فرأى في راحيل ما لم يره في ليئة لقد كانت ليئة مسترخية العينين ،
ولم تكن جميلة المنظر، أما راحيل فكانت في عينيه جميلة وحسنة الصورة، ووافق
لابان وسلم قطيعه إلى يعقوب ليرعاه وبعد سبع سنين قال يعقوب لخاله "أعطني
امرأتي لأن أيامي قد كملت" (تك 29: 21) وصنع لابان وليمة احتفالاً بالزواج:
-
+ وكان في المساء أنه أخذ ليئة
ابنته وأتي إليه فدخل عليها وفي الصباح إذا هي ليئة (تك 29: 23 ، 25) لقد
خدعه خاله لابان إذ في وسط الظلام قدم له ليئة بدلاً من راحيل، ولم يكتشف
يعقوب الأمر إلا في الصباح ... وبعد أن دخل عليها وأغتاظ يعقوب وكأنما شر
قد أصابه فقال للابان:
-
+ ما هذا الذي صنعت بي أليس
براحيل خدمت عندك. فلماذا خدعتني؟ فقال لابان لا يفعل هكذا في مكاننا أن
تعطى الصغيرة قبل البكر، أكمل أسبوع هذه فنعطيك تلك أيضاً على أن ليئة
مكروهة ففتح رحمها وأما راحيل فكانت عاقراً...
-
+ لقد ذهب يعقوب إلى خاله
طالباً زوجة وإذ به يخدعه وقدم له الكبيرة بدلاً من الصغيرة ثم بعد أسبوع
يطلب منه زواج الصغيرة، إنه شر ما بعده شر... ما أكثر الضيقة والغيظ الذي
انتاب يعقوب، لقد تزوج ليئة مرغماً وبدون علمه ، كان يرى في ليئة ضعف
العينين وعدم جمال الصورة ولم يكن يعلم أن من نسل ليئة يأتي المسيا كما أن
سبط لاوي الذي سيختص بالكهنوت هو من نسلها ، لقد فتح الرب رحمها فولدت
رأوبين وشمعون ولاوي ( السبط الخاص بالكهنوت) ويهوذا الذي من نسله ولد
المسيح له المجد...
-
+ وذكر الله راحيل وسمع لها
وفتح رحمها وأعطاها الرب يوسف وبنيامين (تك 35: 18).
-
-
+ فلولا جمال راحيل، ما بقي
يعقوب خادماً سبع سنين.
-
+ ولولا ولادة راحيل ليوسف،
لأهلك الجوع أولاد يعقوب وعلى رأسهم أب الآباء.
-
+ ولولا خداع لابان ليعقوب
وإعطائه ليئة، ما جاء المسيح من صلبه.
-
+ بل لولا ضعف عيني ليئة وعدم
جمالها، ما بقيت حتى تصير ليعقوب زوجة.
-
+ ولولا عقر راحيل، ما إنفتح
قلب يعقوب لليئة.
-
-
حقً إن الأمور كلها تعمل معاً
للخير للذين يحبون الله من كل قلوبهم (رو 8: 28).
-
-
يعقوب يود العودة إلى الديار
-
إلى كنعان
-
+ وبعد أن أنجبت راحيل يوسف
بدأ يفكر في العودة إلى أرض كنعان قائلاً للابان خاله: إصرفني لأذهب إلى
مكاني وإلى أرضي، أعطني نسائي وأولادي الذين خدمتك بهم فأذهب ، لأنك أنت
تعلم خدمتي التي خدمتك (تك 30 : 26).
-
+ لقد أراد يعقوب أن يرجع لكي
يعيش مع أبيه وأمه ولكن خاله لابان ألح عليه بالبقاء لأن الرب أكرم لابان
بسبب يعقوب وطلب منه أن يطلب أجره لعمله معه، ولكن يعقوب رفض وطلب شيئاً
واحداً: فقال يعقوب لا تعطني شيئاً ، إن صنعت لي هذا الأمر أعود أرعى غنمك
وأحفظها. (تك 30 : 31).
-
+ أجتاز بين غنمك كلها اليوم
وأعزل أنت منها كل شاه رقطاء ( أي منقطة قاتم وأبيض) وبلقاء (البياض فيها
في هيئة خطوط أو بقع في الجسم) وكل شاه سوداء بين الخرفان والمعزى فيكون
مثل ذلك أجري (تك 30: 31، 32) . فقال لابان هوذا ليكن بحسب كلامك (تك 30:
34) ووقف لابان على أن يعطي ليعقوب كل شاه أو معز رقطاء أو بلقاء، وظل
يعقوب يرعى الأغنام ست سنوات أخرى.
-
+ وإتسع يعقوب جداً وكان له
غنم كثير وجوار وعبيد وجمال وحمير، (تك 31: 34) وحسد بنو لابان يعقوب
قائلين " أخذ يعقوب كل ما كان لأبينا ومما لأبينا صنع كل هذا المجد ونظر
يعقوب وجه لابان وإذ به يحمل له شراً (تك 31: 2) لقد غدر لابان بيعقوب، بل
غير أجرته عشر مرات ولكن الله لم يسمح له أن يصنع به شراً (تك 31: 7) لقد
وقف الرب مع يعقوب ضد ظلم لابان حتى حينما كان لابان يقول ليعقوب الرقط
أجرتك ، ولدت كل الغنم رقطاء وإن قال المخططة هي أجرتك ولدت كل الغنم
مخططة.
-
+ لقد كان يعقوب يحيا في رعاية
الله وعنايته وكلما ضعف قلبه أو كلما خلف لابان في وعده كان الرب يشدده (تك
31: 8 ، 9) وقال لي ملاك الله في حلم يا يعقوب فقلت هانذا فقال إرفع عينيك
وأنظر جميع العجول (الذكور) الصاعدة على الغنم مخططة ورقطاء ومنمرة. لأني
قد رأيت كل ما يصنع بك لابان أنا إله بيت أيل حيث مسحت عموداً. حيث نذرت لي
نذراً. الآن قم أخرج من هذه الأرض وأرجع إلى أرض ميلادك (تك 31 : 11 – 13).
-
+ لقد حدثه الرب بلغة العمل في
رؤيا طالباً منه الخروج، وأدرك يعقوب أن كل ما يمر في حياته ليس جزافاً أو
محض صدفة، إنما هو بتدبير إلهي وسماح من الله حتى تتحقق عناية الله فيه، إن
ما أظهره لابان وبنوه من حسد وحقد وشر لم ينل من يعقوب بل كان دافعاً
وسبباً لرجوعه إلى أرض ميلاده كما أخبره إله بيت إيل الذي ظهر له في
الطريق فقواه.
-
-
يعقوب في طريق العودة:
-
+ أرسل يعقوب ودعا ليئة وراحيل
إلى الحقل ، وأخبرهما عن غدر لابان أبيهم ، وطلب منهم الرحيل وهيأ قلبيهما
وذهنيهما لقبول الرجوع معه طاعة لله فكان جوابهما كل ما قاله الله لك إفعل
(تك 31: 16).
-
+ وللحال قام يعقوب وحمل
أولاده ونساءه على الجمال، وساق كل مواشيه وجميع مقتناه الذي كان قد أقتنى
... ليجيء إلى إسحق أبيه إلى أرض كنعان (تك 31: 17) ، وحينما علم لابان بأن
يعقوب قد هرب أخذ أخوته وسعى وراءه مسيرة سبع أيام فأدركه في جبل جلعاد (تك
31: 22).
-
+ خرج لابان والشر يملأ قلبه
متعقباً موكب يعقوب، وكان الشر في قلبه أضعف من صوت الرب له ، ففي جبل
جلعاد والرب في قلب يعقوب نائماً، تراءى الرب في حلم إلى لابان الأرامي
قائلاً: احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر (تك 31: 25). "في قدرة يدي أن
أصنع بكم شراً ولكن إله أبيكم كلمني البارحة قائلاً أحترز من أن تكلم يعقوب
بخير أو شر " (تك 31: 30) هكذا كان كلام لابان إلى يعقوب وأحس يعقوب بعناية
الرب وحفظه له ووقوفه بجانبه.
-
+ فقال يعقوب للابان: الآن
عشرين سنة أنا معك. نعاجك وعنازك لم تسقط وكباش غنمك لم آكل، فريسة لم أحضر
إليك، أنا كنت أخسرها، من يدي كنت تطلبها ، مسروقة النهار أو مسروقة الليل،
كنت في النهار يأكلني الحر وفي الليل الجليد. وطار نومي من عيني، الآن لي
عشرون سنة في بيتك. خدمتك أربع عشرة سنة بابنتيك وست سنين بغنمك وقد غيرت
أجرتي عشر مرات، لولا إله أبي إبراهيم وهيبة إسحق كان معي كنت الآن قد
صرفتني فارغاً. مشقتي وتعب يدي قد نظر الله فوبخك البارحة (تك 31: 38 –42).
-
+ فذبح يعقوب ذبيحة في الجبل
ودعا أخوته ليأكلوا طعاماً... فأكلوا طعاماً وباتوا في الجبل . ثم بكر
لابان صباحاً وقبل بنيه وبناته وباركهم ومضى ورجع لابان إلى مكانه. (تك 31:
54 –55).
-
-
يعقوب يواصل
المسيرة تحت الرعاية الإلهية:
-
+ رجع
لابان إلى مكانه وأما يعقوب فمضى في طريقه إلى كنعان،
ورفع نظره وإذ به محاط بجيش من الملائكة فقال يعقوب إذ رآهم هذا جيش الله
(تك 32: 1) كانت عناية الرب ترافقه ويمينه تسنده. وأرسل يعقوب رسلاً قدامه
إلى عيسو أخيه... لعله يجد نعمة في عينيه، ورغم إحساسه بعناية الرب له
وإنقاذه إلا أنه خاف من أخيه ورفع قلبه إلى الله مناجيا: يا إله أبي
إبراهيم وإله أبي إسحق... صغير أنا عن كل الطافك نجني من يد أخي عيسو لأني
خائف منه (تك 32: 9 ، 11).
-
+ وهناك في الليل وبينما هو
وحيداً في خلوته ، صارعه إنسان حتى طلوع الفجر ... لقد ظل يصارع مع ملاك
الرب حتى الفجر ولما رأى أنه لا يقوي عليه ضرب حق فخذه... حباً !! وهكذا
غلب الإنسان وهزم الملاك، وأمسك الإنسان المنتصر بالملاك المغلوب قائلاً:
-
لا أطلقك حتى تباركني!!
-
يا له من سر عظيم
فالذي يقف مهزوماً هو نفسه أيضاً
-
يوجد مباركاً للغالب !!! فهو مهزوم لأنه أراد ذلك.
-
+ لقد تضرع يعقوب أن ينال بركة من ذاك الذي تغلب عليه
فكان إطلاق هذا الإسم "إسرائيل" عليه هو نفس البركة التي نالها " فقال له
ما إسمك فقال يعقوب فقال لا يدعى إسمك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل، لأنك
جاهدت مع الله والناس وقدرت وباركه هناك، فدعا يعقوب إسم المكان فينيئيل
"وجه الله" قائلاً لأني نظرت الله وجهاً لوجه ونجيت نفسي (تك 32: 30).
-
-
+ وأشرقت له الشمس !!! ورفع
يعقوب عينيه وإذا :
-
عيسو مقبل إليه فعانقه ووقع
على عنقه وقبله وبكيا، ثم رفع عيسو عينيه وأبصر النساء والأولاد وقال ما
هؤلاء منك فقال: الأولاد الذين أنعم الله بهم على عبدك (تك 33 :1 – 6).
-
ثم مضى عيسو في طريقه إلى
سعير، ومضى يعقوب في طريقه إلى إسحق.
-
+ خرج يعقوب من بيت أبيه
هارباً من عيسو وكانت الشمس قد غابت (تك 28:11) وعاد يعقوب لملاقاة أخيه
وأشرقت له الشمس (تك 32: 31).
-
+ خرج يعقوب هارباً خائفاً
وحيداً ، وعاد يعقوب مع أولاده الإحد عشر ونسائه وجاريتيه ، وقطيع مواشيه
وأغنامه إنهم جيوش أقوياء!!
-
+ خرج والشر يطارده...
-
وعاد والخير يلاحقه فكانت بركة
الرب له، إذ استحق بعنايته ... شعره واحدة من رأسه لم تسقط بل صار له أخوه
صدراً حنوناً محباً... بل صار أباً يظل إسمه إلى أبد الآبدين:
-
إله إبراهيم وإسحق ويعقوب العظيم الذي من نسله ولد
لنا يسوع.
-
خرج وعاد تحت سقف العناية الإلهية فلم يفقد شعره من
رأسه ولا من رمش عينه!!
-
إنها العناية الإلهية!!
-
-
العناية الإلهية ، للقمص
فليمون الأنبا بيشوي
-
EL/21.12.2003
-
-